responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2714
ولكن اغتراره بالمال، ونسبته إلى ما عنده من العلم جعلهم يسلكونه في عداد الكافرين، ويرون في نوع هلاكه أنه هلاك للكافرين.
ويسدل الستار على هذا المشهد. وقد انتصرت القلوب المؤمنة بتدخل القدرة السافرة، وقد رجحت قيمة الإيمان في كفة الميزان.. ثم يأخذ في التعقيب في أنسب أوان:
«تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً. وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» ..
تلك الآخرة التي تحدث عنها الذين أوتوا العلم. العلم الحق الذي يقوم الأشياء قيمتها الحقيقية. تلك الدار الآخرة العالية الرتبة البعيدة الآفاق. تلك الدار الآخرة «نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً» ..
فلا يقوم في نفوسهم خاطر الاستعلاء بأنفسهم لأنفسهم ولا يهجس في قلوبهم الاعتزاز بذواتهم والاعتزاز بأشخاصهم وما يتعلق بها. إنما يتوارى شعورهم بأنفسهم ليملأها الشعور بالله، ومنهجه في الحياة. أولئك الذين لا يقيمون لهذه الأرض وأشيائها وأعراضها وقيمها وموازينها حسابا. ولا يبغون فيها كذلك فسادا. أولئك هم الذين جعل الله لهم الدار الآخرة. تلك الدار العالية السامية.
«وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» الذين يخشون الله ويراقبونه ويتحرجون من غضبه ويبتغون رضاه.
وفي تلك الدار الآخرة يقع الجزاء كما كتب الله على نفسه. الحسنة بأضعافها وبما هو خير منها. والسيئة بمثلها رحمة بضعف الخلق وتيسيرا:
«مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ» ..

[سورة القصص (28) : الآيات 85 الى 88]
إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (85) وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ (86) وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (88)
والآن وقد انتهى القصص، وانتهت التعقيبات المباشرة على ذلك القصص. الآن يتوجه الخطاب إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ومن خلفه القلة المسلمة التي كانت يومها بمكة. يتوجه الخطاب إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وهو مخرج من بلده، مطارد من قومه، وهو في طريقه إلى المدينة لم يبلغها بعد، فقد كان بالجحفة قريبا من مكة، قريبا من الخطر، يتعلق قلبه وبصره ببلده الذي يحبه، والذي يعز عليه فراقه، لولا أن دعوته أعز عليه من بلده وموطن صباه، ومهد ذكرياته، ومقر أهله. يتوجه الخطاب إلى رسول الله- صلّى

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2714
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست